الأحد، 26 يناير 2014

المجلس الوطني الصحراوي برلمان للدولة ام رقابة للحركة


تعتبر المؤسسة التشريعية ركيزة جوهرية ضمن السلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية في بناء اي دولة.
لكن في الواقع “الاستثنائي” الذي يمر به الشعب الصحراوي والذي يزاوج فيه النظام بين الحركة والدولة في إدارة دواليب الحكم في الدولة الصحراوية الفتية فهناك الحكومة وهناك الجبهة ونفس اعضاء الحكومة هم بالضرورة منخرطون في الجبهة ويتمتع اغلبهم بعضوية الامانة الوطنية فيها، وبالتالي تتبادر الى الذهن اسئلة جوهرية عن شكل البرلمان والدور الذي يقوم به واي استثناء يمكن ان يشمله والحال هكذا؟
هل يراقب الدولة كمؤسسات ويتابع برامجها الحكومية، ام الحركة كتوجهات سياسية ونشاط تحرري ضمن هذا النسق الفريد والذي تتماهى فيه الحركة بالدولة الى حد التداخل في الصلاحيات والمهام.
ام ان البرلمان سلطة تشريعية للدولة التي تقودها حركة تسطر وتراجع قوانينها مع كل مؤتمر شعبي عام، ام للدولة التي تسعى الى ممارسة السيادة على ترابها بشكل كامل، وفي غياب مصادر اقتصادية من شأنها المساهمة في دعم برامجها الحكومة التي تعتمد على مشاريع دعم وهبات من الجهات الممولة والمتضامنة مع الشعب الصحراوي مع العلم ان البرلمان الصحراوي لم يتقدم باي مشروع قانون منذ تأسيسه مكتفيا بالمصادقة على مشاريع القوانين التي تتقدم بها الحكومة.
إن بناء برلمان صحراوي امر في غاية البساطة فبمجرد النظر الى دول العالم ونقل التجربة البرلمانية في شكلها العام يمكن ان يساعد في تشكيل برلمان صحراوي من شأنه مسايرة التجربة البرلمانية العالمية والاستفادة منها، لكن الامر في واقعنا “الاستثنائي” يدفعنا دائما الى التفكير في شكل اخر يختلف من حيث الشروط التي يجب ان يخضع لها وتحديد الدور المنوط به في ظل معركة التحرير التي تقودها الحركة والدولة في ثوب واحد دون تحديد ما هو للحركة مما هو للدولة من جهة وتحديد صلاحيات الحركة وترك المجال لعمل الدولة كمؤسسات بما يضمن لها التقدم في تجسيد حقيقتها المنشودة.
هذا الخلط بين الحركة والدولة جعل المجلس الوطني يتيه في رقابة مفقودة في واقعنا الذي يشتكي ضعف التسيير في مجالات شتى خاصة الاجتماعية ذات العلاقة بهموم المواطن البسيط، وغياب ترشيد ما وجد من امكانيات او موارد تبقى محدودة للاستجابة للحد الادنى من مقومات الحياة في المنفى الاضطراري “اللجوء”.
هذا التداخل يظهر ايضا في انتخابات المجلس من خلال اشتراط ان ينتخب رئيس المجلس الوطني من بين اعضاء الامانة الوطنية واعتبار المنظمات الجماهيرية التابعة للجبهة دوائر انتخابية كسائر الدوائر الانتخابية بالدولة كالدائرة والمؤسسات واقصاء المهجر والجاليات بالخارج كلها امور تؤثر على الشروط التي يجب ان تتوفر لبناء مؤسسة كالبرلمان.
بالاضافة الى ان عملية انتخاب اعضاء المجلس الوطني تخضع لشروط بعيدة كل البعد عن المرحلة التي يمر بها الشعب الصحراوي ففتح الباب على مصراعيه في مختلف الدوائر الانتخابية لانتخاب اعضاء المجلس الوطني يحصل اغلبهم على الاصوات ضمن قاعدة اجتماعية تتحدد الكفاءات فيها على اسس قبلية او مصالح شخصية في تناقض واضح مع الواقع الاستثنائي وما تمليه مرحلة التحرير التي تقتضي منا اختيار “برلمان” كأداة للرقابة والمحاسبة من ضمن النخبة السياسية المتشبعة بفكر الجبهة واهداف الثورة وبإمكانها فرض رقابة حقيقية على الجهاز التنفيذي وتوجيه الخطاب السياسي للقاعدة الشعبية نحو الاهداف المصرية للشعب الصحراوي وبالتالي يكون المجلس الوطني استثنائي من حيث الاختيار والدور المنوط به ضمن واقعنا ككل والذي نصفه دائما بانه استثنائي.
او اعلان القطيعة مع الحركة وتفعيل الدولة بشكل يستوعب التعددية الحزبية وفتح المجال للاحزاب والتصورات السياسية المختلفة، ومن ثم يحدد شكل البرلمان على اساس المنافسة الحزبية في واقع لايزال تاثير الاطياف الاجتماعية ظاهرا في محتلف الاستحقاقات الانتخابية، وربما يؤثر على توجهات الاحزاب لخدمة قضايا جهوية او قبلية.
كما ان سياسة تفريخ لجان الرقابة (لجنة الرقابة بالامانة الوطنية، البرلمان، لجان الرقابة بالحكومة، لجان رقابة على مستوى المنظمات الجماهيرية…) افقدتها المصداقية وميع عملها بدلا من اختصارها في جهاز واحد يتولى امرها ويخفف من اعباء البحث عن بدائل تبقى بعيدة من صميم الاختصاص الذي انشئت لاجله.
وفي نظرة سريعة على التجربة البرلمانية الحالية والتي تحصل فيها الحكومة على الاشادة من النواب في ظل تردي الخدمات التي كانت تكفلها الحركة للمواطنين في عز الحرب المغربية المدمرة وايجاد الحلول بعبقرية لمختلف المشاكل التي واجهت الشعب الصحراوي في ظروف القهر والتشريد نجدنا اليوم نعبث بتلك المكاسب ونحولها من مكاسب للشعب الى اسثمار لاشخاص محددين يجد فيها النائب نصيبه من محصلة بدموع وتضحيات شعب ينتظر منذ قرابة الاربعين سنة نصرا مؤجلا.
المصدر: موقع 20 ماي.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر