الأربعاء، 25 يوليو 2012

إطلاق سراح الرهائن... من سهله في الأخير؟

`بقلم : السيد حمدي يحظيه
أُطلق أخيرا، بعد تسعة اشهر من الاختطاف غير الإنساني،، سراح أصدقاء الشعب الصحراوي الذين كانوا مختطفين في مكان ما مجهول من صحراء إفريقيا. وقبل كل شيء لا بد أن نعبر عن ارتياحنا كصحراويين وابتهاجنا، رغم طول مدة معاناة الأسر، بعودتهم سالمين إلى ذويهم كما هم دون أن يصيبهم أي ضرر. الحمد لله.. إن الذي كان يشغلنا كلنا ويشغل بال أهل المختطَفين وبال أصدقاء الصحراويين هو أن يتم إطلاق سراح هؤلاء بأية طريقة كانت: قانونية أو غير قانونية، فدية، هجوم أو أية طريقة أخرى؛ المهم إطلاق سراحهم.
وإذا كانت كل الدلائل، البسيطة والمعقدة منها، أشارت منذ البداية، خاصة بعد تبرؤا القاعدة وغسلها ليديها من العملية، إلى أن الاختطاف خططت له المخابرات المغربية ونفذته يد عمر، فإن طريقة إطلاق السراح أيضا زادت التأكيد والاقتناع أن نفس المخابرات هي التي أُجبرت غير راغبة على إخلاء سبيل هؤلاء المختطفين.
في مقال سابق لنا منشور على الانترنيت تساءلنا لماذا تأخر إطلاق سراح الرهائن المعنيين، وقلنا أن " الإرهابيين"، إذا كانوا قاموا بالاختطاف من أجل المال فإن الجهات التي لها مصلحة ملحة، عاجلة في إطلاق سراح الرهائن ( الجزائر، البوليساريو، أسبانيا، إيطاليا) لا ينقصها المال كي تدفعه كي تخلص المختطَفين بسرعة لإنهم كانوا شبه أمانة في عنق البوليساريو والجزائر. وحتى إذا كانت الجزائر مثلا، التي وقع الاختطاف في مخيمات فوق أراضيها، تجرم دفع الفدية فإنها كانت تستطيع أن تمررها عن طريق البوليساريو أو عن طريق أسبانيا أو إيطاليا. إن النتيجة التي توصلنا إليها هي أن المال لم يكن ينقص لو كان الخاطفون طالبوا به، وبالتالي فإن المقايضة السياسية والابتزاز كانا هما ما يريد الخاطفون( المخابرات المغربية).
وحتى تتحول الشكوك المدعمة بالأدلة إلى حقائق قامت الجماعة نفسها ( التوحيد والجهاد)التي أدعت اختطاف المتعاونين من المخيمات باختطاف رعايا جزائريين من قنصلية في مالي. وهنا نعاود طرح السؤال: من المستفيد من اختطاف رهائن من المخيمات ومن اختطاف دبلوماسيين جزائريين إذا لم يكن المغرب.؟
سيناريو إطلاق سراح الرهائن، هل سهلته فرنسا؟
كما أسلفنا فإن أكثر من أربع دول كانت متلهفة على إطلاق سراح الرهائن المذكورين، وكانت مستعدة بدون شك لدفع الفدية، خاصة الصحراويين والجزائريين، بسبب تأثير هكذا عملية على سمعة الصحراويين وعلى الدعم والتواجد الأجنبيين في المخيمات وبسبب اختطافهم من منطقة حساسة. إن مثل هذا التلهف على إطلاق سراح المخطوفين كان دافعا قويا كفيلا بجعل الجميع يلبي مطالب الخاطفين حتى الصعبة منها. إن ممانعة الخاطفين في قبول الفدية على مدى تسعة أشهر اقنع الجميع أن الابتزاز السياسي هو حقل المناورة المتبقي، وأن وراءه دولة هي المغرب.
إذا قمنا بتحليل بسيط، غير عميق لسيناريو إطلاق سراح المخطوفين ونتيجته الهزيلة على الخاطفين نجد أنه، لو لم تكن وراءه نوايا سياسية، كان من الممكن أن يتم في الشهر الأول من الاختطاف. فما حصل عليه الخاطفون، حسب الكثير من وسائل الإعلام، هو أشبه بالإفطار على جرادة: إطلاق سراح شاب متورط في عملية الاختطاف، والحصول على مبلغ مالي ما بين مليون إلى مليونيين حتى إلى عشرة أو إثنى عشر مليون. إن ما تم الحصول عليه ما كان ليتطلب تسعة أشهر من الأخذ والرد، وكان من الممكن أن تتم تلبيته في وقت قصير. على أية حال لم يحصل المغرب على نتيجة تُذكر لا ماديا ولا سياسيا من عملية الاختطاف، وكتحصيل حاصل فإن ما وقع ( إطلاق سراح الرهائن) كان بدافع الضغط؛ أي أن هناك قوة فوق المغرب ولها نفوذ عليه تدخلت كي يتم تسهيل إطلاق سراح المخطوفين بهذه السهولة وبهذا التبادل الهزيل مقابل شيء ما.. وهذه القوة لن تكون سواء فرنسا التي تظلل على المغرب في كل شيء.
إن حصول تغيير جذري في النظام الفرنسي وقدوم الاشتراكيين إلى الحكم هو الذي قد يكون سهَّل -على ما نعتقد- إطلاق سراح الرهائن والدبلوماسيين الجزائريين دفعة واحدة. فكما نعرف إن الرئيس الاشتراكي أولاند هو رجل منزعج من العلاقة مع المغرب، وإذا صح ما سمعنا وقرأنا فإن الرجل يكون قد وصف في كلام عابر سابق المغرب في الماضي بالمحتل. وحتى إذا سلمنا جدلا أنه سوف لن يغير من الموقف الفرنسي مقدار قيد أنملة وسيرفع الفيتو ضد القضية الصحراوية في الأمم المتحدة وسوف يتحول إلى فيليبي غونزاليس ثان فإنه في عمقه وفي داخله هو رجل غير محب للمغرب.
إن أولاند منذ تسلمه مفاتيح قصر الإليزيه لم يخفي تودده إلى الجزائر ومحاولة تقربه منها، وبذل كل الجهود حتى يتكلم معها، خاصة في الميدان الاقتصادي الذي قد ينفس من الأزمة الخانقة التي تعيشها فرنسا. ففي خلال المدة القصيرة التي تولى فيها اولاند السلطة بعث أكثر من مسئول كبير إلى الجزائر، وفي هذا السياق ليس من المستبعد – مجرد تحليل- أن تكون الجزائر قد طلبت من فرنسا أن تضغط على تنظيم التوحيد والجهاد التابع للمخابرات المغربية كي يطلق سراح الرهائن. لقد تم إطلاق سراح الرهائن مباشرة بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي للجزائر، وقبله بايام فقط تم إطلاق سراح الدبلوماسيين الجزائريين المختطفين في مالي من طرف نفس الجماعة( التوحيد والجهاد)، وكمحصلة فإن حصول كل هذا في شبه صفقة واحدة ليس مجرد تزامن بالصدفة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر