الجمعة، 20 يوليو 2012

دفنه الرفاق في الأرض ورفعته الأجيال في السماء


لم يعد يفصلنا عن الذكرى الأولى لرحيل فقيد الشعب الصحراوي المحفوظ أعلي بيبة سوى أيام قليلة،ولا ادري هل ستمر هذه المناسبة الأليمة دون أن يأخذ المرحوم حقه الطبيعي في التذكير به وبمناقبه وخصاله التي شكلت مدرسة مجردة تنهل منها الأجيال الصاعدة ،وليس هو الوحيد الذي قد يطاله النسيان مادام أن هناك عدد كبير من أبناء هذا الشعب الذين وهبوا أرواحهم في سبيل عزته وكرامته قد أصبحوا في خبر كان وعلى رأسهم مؤسس الحركة الجنينية الفقيد سيد إبراهيم بصيري،في حين بقي قناصوا الفرص في الواجهة،لا الموت أخذهم لنرتاح منهم ولا الحياة سخرتهم لخدمة الجماهير.
رحل المحفوظ أعلي بيبة الذي شكل على الدوام قاعدة الارتكاز التي تستند عليها جبهة البوليساريو عندما يتناحر المتمصلحون ،لتجد الجبهة نفسها بفضله أكثر قوة وصلابة،ودفنه رفاق الدرب في مقبرة السمارة التي ماكان يتمنى وغيره من الخالدين فيها أن يلقوا بارئهم فيها،ثم أقاموا له حفل عزاء بسيط على قدر بساطته وتواضعه في البيت الأصفر،أين سالت دموعا أشد غزارة من دموع التماسيح،فقد رحل الرجل الذي لم يبني قصورا في المخيمات ولا في تندوف ولا في مورتانيا ولا في اسبانيا،ولم يجعل من المال العام وسيلة لتحقيق عيش رغد لأبنائيه أمام أعين أبناء الشهداء والجرحى والمقاتلين،ولم تغريه إغراءات العدو ودنياه التي قهرت قناعات غيره،ولم...ولم...ولم...
هكذا إذن دفن المحفوظ في الأرض من قبل رفاق الدرب،لكن الأجيال الصحراوية ستبقى تحتفظ له بتلك القيم النبيلة،فحياته معلم لمن أراد هدى بما تميزت به من بساطة وتواضع ونكران للذات ووطنية صادقة وموته عبرة لمن له اعتبرا،فقد رحل والشعب الصحراوي في أمس الحاجة إلى أمثاله المخلصين الذين ستبقى ذكراهم خالدة في قلوب ثورية الإهواء،ولن أقول فيه أروع وأدق مما مماقاله أحد مبدعي هذا الجيل الشاعروالأديب الكبير أبيه صلاحي في مرثيته الشهيرة روح وريحان:
أتمسك الدمع عندما يبكي الحجرا
أم أن دمعك جف بعدما انهمرا
تلومني كلما عين العزى دمعت
ومنك دمع الأسى ينساب منحدرا
وتمنع النفس أن تشكو السما قدرا
دع النفوس تشكو لربها القدرا
سل النجوم بليل غاب كوكبه
والأرض والبحر والأرياف والحضرا
و واحبس عواطفا قد ادمنتها طربا
واهجر نديمك والمدام والسمرا
وأبكي الحبيب الذي عاهدته زمنا
فما تحايل في عهد ولا مكرا
خلي الكرى واعتكف ليل إلى سحر
عسى الحبيب يعود طيفه سحرا
هو أعلي بيبة الذي أعلام سيرته
تهدي الإحبة والرفاق والنظرا
هو أعلي بيبة الذي ضمت شمائله
بعد البصيرة والعطا والوقرا
هو أعلي بيبة الذي عرفته رجلا
عفت يداه فأعطى كل ما ادخرا
حياته معلما لمن اراد هدا
وموته عبرة لمن له اعتبرا
رحيله سفر وفي حقائبه يلم
من درر الأخلاق ماندرا
جئتك ربي شجي القلب مبتهلا
وجئت مستسمحا عنه ومعتذرا
برد مضاجعه وسع مداخيله
يسر عليه من الحساب ماعسرا
ياربي طيب ضريحا ضم اضلعه
واحضر لخير نزيل فيه خير غرا
ضم الصمود وضم الصبر في زمن
لا حظ فيه ظله إلا لمن صبرا
طيبه للموت وأجعل فيه راحته
من بعد ما تعب الترحال والسفرا
وارحمه فكرا نقيا ظل متزنا
وفيا فيما خفى منه وما ظهرا
وأرحمه قولا كريما طاب منطقه
فلم يعكر صفاءا ولم يجرح بشرا
لا نقص في فعله جرى اللسان به
ولا عيوب بها حبر اليراع جرى
فأخدم ثوابته التي في خدمتها
افنى الطفولة فالشباب فالعمرا
ثابر على دربه وأسدي الوفاء له
فالفجر يشرق طال الليل ام قصرا
بقلم الأستاذ:التاقي مولاي أبراهيم

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر