الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

طبيب أم مجنون في مستشفى ولاية السمارة .



في يوم من أيام الزمن الخالدة كنا في طريقنا إلى ولاية اوسرد و نحن نسلك الطريق المعبد الذي يتوسط ولاية السمارة و ما إن و صلنا نهاية حدود المزرعة الشمالية حتى صدمنا بإمراة تلوح بطرف ملحفتها و هي تصرخ بأعلى صوت تستنجد من يتوقف عندها ، أدرت مقود السيارة نحوها حتى وصلت السيارة باب منزلها الفوضوي المتناثر القديم  تتوسطه خيمة لم تترك الطبيعة منها غير شكلها ، قالت : هل يمكن أن اذهب معكم إلى المستشفى الجهوي ؟ إبني مريض لا أدري ما أصابه؟ ، ذهبت معنا و طفلها الذي لا يتجاوز عمره عشرة سنوات يشتكي ألمه ، و عند أوصولنا إلى المستشفى الجهوي لولاية السمارة دلنا احد الممرضين على مكان الفحص حتى يتم تحديد الوصفة الطبية بعد معرفة طبيعة مرض الطفل ، و عند دخولنا المرفق المخصص للمواطنين الراغبين في الفحص الطبي تفاجئنا بطابور من المرضى كل ينتظر دوره ، وانا انتظر رفقت تلك المواطنة التي عاهدت نفسي على أن انتظرها حتى أعيدها إلى خيمتها ، خرج من قاعة الفحص رجل منفعل أحمر اللون يضع نظارات طبية كأنه مختل عقليا قبيح المنظر إن لم نقل مجنون يصرخ و يتلفظ بألفاظ يستحي الصحراوي قولها مهرولا نحو مخرج المرفق ، و بعد دقائق عاد الرجل و دخل قاعة الفحص ، و بعد ربع ساعة من الإنتظار عاد الرجل مرة أخرى إلى سابق عادته ، عندها سألت أحدهم كان ينتظر مثلنا : ما بال هذا الرجل كأنه مجنون ؟ قال و هو يتمتم : إنه الطبيب (الدكتور) ، قلت كيف ؟ ، و بينما أنكر لمحدثي أن يكون الرجل طبيب ، خرج الرجل و قال : إلتزموا الصمت و إلا فلن يدخل اليوم عندي أحد ؟ ، عندها عرفت أن محدثي كان على صواب و تأكدت أن المجنون طبيب و قلت في نفسي كيف يكون مريض طبيب ؟ هذا الرجل قبل أن يعمل التطبيب و يقدم نفسه على أنه طبيب هو في حاجة إلى علاج نفسه ، مرت ساعة و في كل مرة يخرج من القاعة اشخاص بين من كان يريد الفحص و لم يفحص و من عاد منفعلا من أسلوب الطبيب المجنون ، و في كل الحالات يخرج الجميع و سمات الغلق و الإنفعال على أوجوههم ، و عند دور الرفيقة دخلت على طبيبنا المجنون و بعد دقيقة من دخولها عليه خرجت تبكي من شدت ما أسمعها من الفاظ و إحتقار ، عندها كان لابد أن أتكلم فدخلت على المجنون أساله ما بال هذه المواطنة تخرج من عندك تبكي و تشتكي من سو معاملتك لها ، قال : أخرج عني ولا تحاسبني انا أعمل هنا كما أريد و ليس كما يريدون ، قلت : من أنت و من هم ، قال : أنتم الصحراويين جهلة متخلفين حيوانات لا مثيل لكم في البشرية ، قلت : هل أنت طبيب ؟ قال : لا لست طبيب لأن من يسعى إلى تطبيب الصحراويين يجب أن يكون بيطري و ليس طبيب (دكتور) ، قلت : يا رجل هون عليك ؟ قال : أخرج من قاعتي ، قلت : لن أخرج حتى تعالج الناس على ما يأمرك به دينك من رحمة و ما درست من معرفة ، قال : أخرج و إلا أغفلت الباب عليك ، عندها ادركت أنني امام مجنون بحاجة إلى علاج أكثر من حاجة القادمين إليه من نساء و شيوخ و اطفال ، و ادركت ان من وظف هذا المجنون في قطاع الصحة و التمريض جاهل لا يسعى إلى ترقية هذا القطاع بل يعمل بما لا يضع مجالا لشك أن مستشفى ولاية السمارة يسكنه مجنون في شكل طبيب ، و من هنا ننصح كافة المواطنين ان المدعو : محمد يلم ولد أوزين أو شي من هذا القبيل و كم تمنيت أن لا يكون إسمه محمد هو مجنون لا يحمل صفة الطبيب و لا يعرف من الطب إلا ما يعرفه كاتب هذه الحروف الذي درس الأدب و ظل فيه يحمد الله يوم أبعدنه عن العلوم التي تتنتج أمثال هذا المجنون و تمنحه شهادة دكتور التي سأظل أشك في حقيقة شهادته  التي لا تمد بصلة إلى العلم و الطب .
و نحن عائدين إلى منزل تلك المواطنة و إبنها على سابق حالته مريضا ، إشتكت المواطنة و قالت :" أعرف أن مهنة الطبيب صعبة لكن ما هكذا تعامل المرأة الصحراوية التي صبرت و ربت حتى صار طبيب يهينها" ثم صمتت و كأنها تريد قول المزيد و بعد لحظة قالت وهي تشير بيدها : " الله يهدي أطبيب و الله يعطينا لاستقلال و الله يفصلنا مع هذا اللجو والله يعطيك ياوليدي الربح و الرضى الله أيزيد من أمثالك" ، قلت : امين يارب العالمين .
الكاتب : صحراوي . 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر