الثلاثاء، 22 يناير 2013

الإعلام البناء والمثقف الهدام






لقد لعبت بعض المواقع الإلكترونية الصحراوية دورا بارزا في سبيل فضح السياسات المغربية الرامية إلى إجهاض حقوقنا المشروعة في بناء دولة ذات سيادة ينعم شعبها بحريته وخيراته المعرضة للنهب والاستغلال الفظيع من قبل المحتل المغربي،ولم يقتصر دور هذه المواقع على هذا الجانب من معركتنا ضد العدو بل تعداه إلى العمل على إبراز مكامن الضعف في سياستنا وكشف التجاوزات الحاصلة ومن يقف ورائها حتى يتسنى لنا بناء دولة الحق والقانون والعدالة التي ننشدها جميعا،ولابد في هذا المقام من الإشادة بالدور الطلائعي الذي لعبته ولا زالت تلعبه مواقع مثل وكالة المغرب العربي المستقلة للأنباء و المستقبل الصحراوي والتغيير والمصير من أجل تنوير الرأي العام الصحراوي بكل حيثيات المعركة التحريرية ضد العدو المغربي من جهة ومعركة البناء السليم لمؤسسات الدولة الصحراوية من جهة أخرى.
ولكن للأسف الشديد فإن بعض المثقفين الذين تمنحهم المواقع الإلكترونية فرصة الإدلاء بأراءهم وأفكارهم هم أقرب إلى تقديم خدمة مجانية للعدو من خدمة قضيتهم وشعبهم ،من خلال كتابات تحريضية مثيرة للقلاقل والفتن من اجل تشتيت الصف الصحراوي والعودة به إلى مراحل ما قبل الإعلان التاريخي للوحدة الوطنية، وبالتالي تحويل المعركة من معركة بيننا والعدو إلى معركة صحراوية صحراوية، وهذا ما تطمح إليه إدارة الاحتلال المغربي حتى يتسنى لها نسف المشروع الوطني المتمثل في التحرر والإنعتاق والعودة إلى الوطن وعلم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية يرفرف خفاقا في أجوائه.
إنهم أشبه بطيور الظلام التي تهوى الصيد في الليالي الحالكة حين تخلد النسور والصقور للراحة، تجدهم يتربصون وينبشون في الذاكرة الجماعية للصحراويين عساهم يجدوا ما يكتبون عنه لإثارة النعرات وخلق الشقاقات ،كما تفعل الخفافيش في بحثها عن فريسة في جنح الظلام مع اخذ الحيطة والحذر عل احد النسور أو الصقور في حالة ارق فيتحول الخفاش من صياد إلى فريسة بحد ذاته، ولنتأمل جيدا ما قاله الكاتب الجزائري أنور مالك الذي يملك خبرة كبيرة حول أساليب المخزن المغربي في مقاله المعنون ب(الجهاز المخزني يعمل لإشعال حرب أهلية بين الصحراويين بمخيمات تندوف) والمنشور عبر صفحات جريدة الشروق الجزائرية بتاريخ 06 أكتوبر 2010 إذ كتب بالحرف الواحد:((أمر آخر أن المخابرات المغربية تعمل على إثارة فتن قبلية وأخرى سياسية في المخيمات والمناطق المحررة التي تخضع لسلطة البوليزاريو، وذلك بدس عملاء يقومون بأدوار استفزازية لأجل إشعال فتيل المواجهات الدموية، وكل ذلك من أجل تبرير الاختراق والتوجيه والانتقامات المضادة وحتى خلق شبكات للمعارضة تحت غطاء حرية التعبير والديمقراطية والتعددية السياسية، وهي بلا شك ستكون ذريعة واضحة لضرب الاستقرار ومصداقية قادة الجبهة محليا ودوليا..))
ويعتمد هؤلاء الكتاب الضالين المتمرسين على السباحة في المياه العكرة في حملتهم على وصف بعض القادة وإطارات الدولة الصحراوية بالجلادين وناهبي المال العام والخونة والمتاجرين بالقضية الوطنية، ليس رغبة في تنوير الرأي العام كما يفعل الكتاب والمثقفون الوطنيون،وإنما من أجل خلق صراع فكري وثقافي ذو طابع عرقي تمهيدا لصراع مسلح بين الصحراويين يمكنهم من تحقيق أجندات معادية للشعب الصحراوي ووحدته الوطنية التي يزعجهم صمودها أكثر من 37 سنة قابلة للتمديد إلى مالا نهاية.
وقد آن الأوان لكل الصحراويين المخلصين وخاصة المثقفين منهم لكي يتصدوا لهذه الفئة الضالة التي لا تحمل لهذا الشعب وكفاحه البطولي إلا الحقد الدفين،لان هذه الفئة المنتشرة بين ظهراننا والتي تعمل تحت غطاء حرية التعبير التي أصبحنا نضاهي فيها دولا مستقلة منذ أمد بعيد أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على الصحراويين وأهدافهم السامية من خلال نشاطها الدؤوب واللامتناهي الذي يوحي وبما لا يدع مجالا للشك أنهم مجموعة عملاء للمغرب يعملون في سرية تامة، مستغلين مرونة النظام مما أوحى لهم بشرعية أعمالهم الدنيئة التي عجز حتى المثقفين المغاربة في حد ذاتهم عن نسج هكذا مخططات تعمل على تكريس الأطروحة المغربية الرامية إلى ضمنا عنوة،والتي لن تتحقق مادام هناك صحراوي حر واحد على وجه البسيطة.
وعادة ما تتظاهر هذه الفيئة(دكاكين الفتنة ) بحب الوطن والدفاع عنه بالألفاظ فقط،ولكن إذا خلو إلى شياطينهم(مؤجريهم) قالوا إنا معكم، إنما نحن نخدع هذا الشعب المغلوب على أمره، المسالم الذي لا يؤذي أحدا،أبنائه نواياهم طيبة،يقيمون الشخص بمظهره، في حين أن الله يتولى السرائر،وبالتالي يمكننا أن نفعل ما نشاء،وما عليكم إلا خلق هالة إعلامية كبيرة وتجنيد المنظمات الحقوقية حالما يتحرش بنا الوطنيون منهم ولا تنسوا أن تدفعوا لها الأموال الكثيرة،فذلك هو سر فعاليتها و المعين الرئيس لها في تحقيق أهدافنا في البقاء كتدميريين لهذا الشعب وكيانه المتين كالبنيان المرصوص.
ولمواجهة هذه الشرذمة من العملاء،وجب على المثقفين والكتاب الصحراويون الشرفاء التجنيد الكامل للعمل على الوقوف في وجه هذا المخطط الجهنمي الذي يسعى إلى خلق معارك فكرية بين المثقفين الصحراويين عبر المواقع الالكترونية والمنتديات تمهيدا لحرب مسلحة الغرض منها نسف مشروع الوحدة الوطنية من جهة و تحقيق الحلم الاستعماري المغربي الذي يعمل بلا هوادة من اجل طمس هويتنا الوطنية وتذويبنا في إطار نظامه الذي أصبح يمثل جزءا مظلما من تاريخ أنظمة الحكم في العالم.
إن المثقف الصحراوي الشريف أمام معركتان حقيقيتان ولا خيار أمامه سوى تسخير فكره وقلمه ليكون في مستوى حسن المقارعة والبلاء والمعركتان هما:
ـ معركة مع العدو المغربي :وذلك من خلال فضح ممارسات الاستعمار المغربي وكشف الواقع المأسوي لحقوق الإنسان في المناطق المحتلة والنبش في الذاكرة الجماعية عن مختلف الجرائم التي ارتكبت في حق الصحراويين وإعادة صياغتها عبر المواقع الالكترونية حتى يتسنى للعالم الإطلاع على جرائم قصف أم ادريك والكلتة وحوزة والمحبس، وكذا الحديث عن معاناة الصحراويين في تلك الحقبة من تشريد وتجويع وتجهيل ....الخ من جميع أصناف الترهيب والإبادة التي تعرض لها المواطنون الأبرياء أين لم تكن الشبكة العنكبوتية منتشرة بعد.
كما ينبغي على المثقفين الصحراويين المخلصين العمل على كسر حاجز التقوقع في المواقع الالكترونية الوطنية فقط من خلال التفاعل مع مختلف المواقع العربية والعالمية لفضح النظام المغربي وممارساته المنافية لجميع المواثيق والعهود الإنسانية ممثلة في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، وكشف التاريخ الأسود للنظام المغربي في الصحراء الغربية،مع التركيز على العالم العربي الذي لازال يجهل تماما طبيعة صراعنا مع العدو المغربي بحكم التواجد الدائم والمستمر للأطروحة المغربية التي يطبل لها المثقفون المغاربة بمساعدة من كتاب الشقاق والنفاق لدينا الذين لاهم لهم سوى الغوص في أعماق التاريخ عساهم يجدون مايجنون من ورائه مكاسب مادية.....ولتذهب البوليساريو إلى الجحيم..
ـ معركة النقد البناء:وهي المعركة الكفيلة بالقضاء على جميع السلبيات والنقائص الموجودة في واقعنا المعاش، وفي جميع الميادين، سواء كانت سياسية أو ثقافية أو قضائية أو اجتماعية أو تربوية.....الخ، من خلال محاربتها والكشف عنها مع العمل على إيجاد البدائل والحلول السليمة لكل نقص حتى يتسنى لنا بناء دولة ذات مؤسسات حقيقية،مؤسسات كفيلة بصيانة حقوق المواطن وكرامته،وذات مصداقية وهيبة وقدرة على فرض الخيار الوحيد والأوحد للصحراويين والمتمثل في تحقيق الاستقلال التام.
ومما يلاحظ وبجلاء أن هناك نقص كبير في الحديث عن هكذا انشغالات تهم الصحراويين،وذلك راجع إلى تحفظ الكثير من المثقفين في الكتابة عن هذه المواضيع حتى لا يقعون في صدامات مع المسؤولين المعنية قطاعاتهم بالنقد، مما يطرح السؤال التالي:
ـ متى كان الحديث عن النقائص والسلبيات جرما؟
ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم:(من رأى منكم منكرا فليغيره بيده،فأن لم يستطع فبلسانه،فإن لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الإيمان).
إن المثقفين الصحراويين أمام تحديات كبيرة ،ولعل من أكبرها هو العمل على تطوير مؤسسات الدولة من خلال عملية النقد البناء لجميع المظاهر والنقائص الموجودة ،وضرورة التجرد من الروح الانهزامية المستسلمة لمروجي أفكار استحالة التغيير والسمو بمؤسسات الدولة وجعلها بمثابة الأدوات الكفيلة بتحقيق تصورات الصحراويين في رؤية دولة قوية متماسكة يعيش فيها الجميع في كنف المساواة والعدالة والإخاء.
إن الكتاب الصحراويين اليوم وأكثر من أي وقت مضى أمام معركة حقيقة لاهوادة فيها، معركة ضد الآلة الدعائية المغربية من جهة،وضد الشرذمة الضالة من أشباه الكتاب التي مرغت أنوف الصحراويين في الوحل بكتاباتها التي عادة مايوظفها عدونا لضربنا في الصميم تحت شعار حقوق الإنسان المنتهكة في مخيمات البوليساريو كما يحلو لهم ذكرنا من جهة أخرى.
إن الحديث عن جلادين ومجازر ونهب للمال العام هو حديث سابق لأوانه،فمقتضيات المعركة التي نخوضها تتطلب من المثقف المخلص التركيز على فضح سياسات العدو وليس العكس،وتحويل المنابر الإعلامية سواء كانت مكتوبة أو سمعية بصرية أو الكترونية إلى جبهة حرب حقيقية ضد جميع الظلاميين الذين لا يحزنهم إلا وجود شعب صحراوي موحد تحت لواء الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.
ويحب على المؤسسة الإعلامية أن تلعب دورها الكامل في مثل هكذا محكات تتعرض لها قضيتنا الوطنية، من خلال تخصيص منابر إذاعية وتلفزيونية للحديث عن التحديات التي تواجه المثقف الصحراوي ولاسيما في الشق المتعلق بمواجهة السعاة لتفكيك وحدتنا الوطنية التي هي سر قوتنا وديمومتنا ،على أن يعمم هذا التوجه على بقية الوسائط الإعلامية،ومن ثمة تعمل القيادة السياسية على تعميم هذه النقاشات على الجماهير الشعبية حتى لا تنجر وراء مسوقي مشاريع الخز والعار.
فهذه هي معركتكم الحقيقية أيها المثقفون والكتاب الصحراويون.......فكونوا أو لا تكونوا.
بقلم النائب الأستاذ:التاقي مولاي ابراهيم.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر