الاثنين، 21 يناير 2013

معاناة العرب الصحراويين

يراود حلم العودة كل العرب الصحراويين اللاجئين في مخيمات بأقصى جنوب غرب الجزائر، وبالنسبة لهم فان تقرير المصير هو العودة لأرضهم الصحراء الغربية ليس غير، والصحراء الغربية هي الساقية الحمراء ووادي الذهب ليس غير، والعودة ما هي إلا لجمع مقومات دولتهم الجمهورية العربية الصحراوية الثلاثة- الشعب والسلطة والأرض - فالسلطة والشعب موجودان، لكن على غير أرضهم، ولكي تكتمل أركان دولتهم لم يبق إلا تحرير أرضهم فتجتمع أركان الدولة .
ويعتز الصحراويون في مخيمات اللجوء بأنهم سجلوا لغاية ألان أطول فترة لجوء وتغرب، وثورة وصراع مع المحتل في القارة (السمراء) إفريقيا، تصل إلى نحو أربعين سنة، منذ عام 1975، حيث يثير تصميمهم على الكفاح بشقيه السياسي والعسكري إن لزم الأمر من اجل العودة، إعجاب كل من يستمع إليهم، وهم يؤكدون أنهم لن يتخلوا عن صحرائهم مقابل الدنيا وما عليها.
وكل المشاهدات هناك تثبت ذلك فهم يرفضون كل ما من شأنه أن يربطهم بأرض غير أرضهم أو يحول بينهم وبين العودة وما يستوقف المراقب، تأسيس الصحراويين لمؤسسات عامة وخاصة في اللجوء، لا أقول تحاكي مؤسسات الدولة مكتملة الأركان، بل هي مؤسسات فعلية، بدءا من السلطة التشريعية فلهم دستورهم وبرلمانهم المنتخب، وتشريعاتهم وقوانينهم، مرورا بالسلطة التنفيذية من رئاسة الجمهورية، والحكومة والوزرات، والسفارات، والجيش والأمن، والمؤسسات الصحية، والإعلامية، فلهم عاصمتهم السياسية والإدارية ( العيون ) ، ولهم تلفازهم وإذاعتهم ووكالة إنبائهم وصحفهم وانتهاء بالمؤسسات والهيئات الخاصة والأهلية والتطوعية.
ويفخرون أن أي منهم لا يملك من مغريات الدنيا إلا ما يقيم أودهم، فالكهرباء لا تصل لغير اثنين من مخيماتهم، فيعتمدون على أشعة الشمس لشحن بطارية السيارة لتشغيل مصدر ضوء واحد يجتهدون ليكون في مكان يبدد ولو بشعاع بسيط عتمة الليل، ووحشة الغربة، واللجوء، وهكذا يهرعون نهارا للشمس وليلا لبطارية السيارة تفرغ ما اختزنته من طاقة، أما الحطب فهو مصدر التدفئة المتاح، وعليه يعتمدون في التفنن (بالتتييه) وهي العملية التي يطلقونا على عملية تجهيز (الاتاي) الشاي، وبالنسبة للمياه فمصدرها الآبار الجوفية يعتمدون في إيصالها للمنازل عبر الأنابيب حيث تشترك كل خمسة بيوت أو خيم بصنبور ماء مركزي.
وزاراتهم ليست بالمباني الفارهة، ولا المكاتب الفاخرة، وكذلك بيوت أعضاء حكومتهم ليست قصورا ولا مزارع، ولا بيوتهم أيضا، فهي فوق الرمال، وبلا قواعد، ما يسهل عليهم العودة إلى وطنهم تحت علم دولتهم، أما شوارعهم فتتناثر بين بيوتهم كما رمالها تحت أقدامهم.
ولكي يفوتوا الفرصة على من يخطط لسلبهم وطنهم وغرسهم في غيرها، رفضوا الاستثمار في بهرجة الحياة التي قد تحول انتباه أي منهم عن العودة، فعندما يحدثونك عن دولتهم تراها ماثلة أمامك، وعندما يقولون "لا بديل عن تقرير المصير" فأن أعمالهم وممارساتهم تصدق قولهم، وان توجهت بسؤال لأي منهم تجد الإجابة ذاتها على لسان أي صحراوي، يؤمنون بعروبتهم، مع ما في نفوسهم من ألم لعدم اكتراث بني قومهم لقضيتهم.
هم عقلانيون لدرجة تفوق العقل، يقبلون بقرارات الشريعة الدولية، وبالحوار والحلول الدبلوماسية، ويقبلون بالاستفتاء، لكنهم يرفضون منطق السيادة عليهم وعلى وطنهم من أي كان، ويرفضون الحجج والذرائع التي تحرمهم من حقوقهم في تقرير المصير ، وفي إقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني، ويرون أن إدامة أمد الاحتلال لا يفت في عضدهم بل يمنحهم القوة، والعزيمة على التحرير، وان تواضع عدد السكان ليس مبررا لحرمانهم من حقوقهم، أوروبا وإفريقيا استمعت لهم، والعرب بجامعتها أصموا أذانهم لهم.
بقلم : خالد هيلات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر