منذ شهر تقريبا ظهرت حملات النظافة
العمومية بشكلها الجديد من ولاية السمارة بقدوم الوالي الجديد القادم من
الدبلوماسية و خبرته الكبيرة في الحملات ، كغيره من أصحاب المناصب الجديدة في
القطاعات العامة بعد تعيينهم أعقاب المؤتمر الأخير ، تحذوهم الرغبة في الظهور و
العمل الفعال و تحقيق الشعبية داخل الأوساط الشعبية "بيت القصيد " في ظل
الجمود الخانق وواقع السلم بعد معاناة جمة كان أبرزها فقدان الشعبية في إنتخابات المؤتمر.
وبعد أن كانت النظافة عموما و نظافة المحيط من
الإيمان و جزء من برامج الولايات ، تظهر الحكومة الجديدة القديمة اليوم نظافة محيط التجمعات البشرية كنقطة مركزية في عملها ، ضمن
برنامج سنوي يكتظ من البرامج التي لا يهتم بها أي كان من الحكومة ، و حسب ما سبق
من برامج الحكومة لم نلمس و لم نعرف منها غير النظافة التي فيما يبدو أتفق عليها
كأفضل وسيلة للظهور بين العامة في شكل التواضع ، و رغم ما تحققه منذ أيام الثورة
الخالدة من فوائد للشعب و المحيط و البيئة ، إلا أن الحكومة أصبحت لا تعرف من
العمل الوطني غير نظافة المحيط التي غالبا ما يتسبب فيها أصحاب الحكومة الخارجون
عن القانون ، ذلك أن المواطن البسيط أكثر إلتزاما من المواطن الحكومي المنتسب
إليها في أكثر من صفة تختلف بختلاف موقع المنسوب
إليه الأمر الذي يشعره انه يمتلك حصانة فوق
القانون .
و يبدو أن حملات نظافة المحيط أصبحت
أسلوب يتخذه بعض القادة في فرض حضوره و بسط سلطته و تحقيق عند السلطة التي صارعت
في جعلها وطنية و بمشاركة كل السلطات من الرئيس إلى العامل البسيط إلى المواطن
الذي لا يتأخر في تلبية الواجب الوطني ، وهي فضيحة أخرى تضاف إلى فضائح الحكومة
العاجزة عن تسطير برنامج عمل متكامل يخرج من دائرة ( التعزيز)*، إلى فضاء العمل
المنظم الثابت المتحرك مع كل إستثناء .
أما و نحن نتابع الرئيس و فريقه
يهيمون في كل أرض يبحثون عن مخلفاتهم ذات يوم ، يبادرنا التخيل ان الشعب عاجز عن
فهم سلطته ، و لسان حاله يقول : "السلطة عادت لتنظف ما دنسته "
هذه الظاهرة الجديدة التي أملتها
ظروف الفساد الإداري أصبحت تشعر المواطن بنوع من الملل ، إذ يقول أحد العامة و هو
من ولاية السمارة : " النظافة شي زين يغيرهذي الحكومة ما تعرف يكون نظافة
المحيط ، و الوالي ما يعرف يكون الحملات ."، و قد أراد المواطن أن يلفت
إنتباه الحكومة إلى أن النظافة ليست العمل الوحيد الذي يحتاج إليه المواطن ، كما
أن زمن الحملات قد ولى .
و ليس من عيب يذكر إذ ما ساهم الجميع
في الحفاظ على النظافة و نظافة المحيط ، لكن أن تجعل الحكومة شغلها الوحيد النظافة
إذ و في كل أسبوعين تشعر السلطة المواطن ببداية حملة نظافة لمدة أسبوع أو أربعة
أيام ، أمر لا يستجيب والمرحلة التي تفرض علينا جميعا العمل الموحد المتماسك في كل
الجبهات و ما نظافة المحيط إلا جبهة من هذه الجبهات التي تحتاج جهد و متابعة أكبر
من أن يستريح الموظف تحت حجة حملة نظافة عمومية .
و يبقى برنامج الحكومة السنوي ينتظر إستكمال كل
الحملات الوطنية و المحلية عساه ير النور الذي يبدو انه تغطيه الكثير من النفايات
تحتاج إلى نظافة من نوع خاص .
وبعد أن مللنا من رسائل الرئيس إلى الأمم
المتحدة بين الإستنكار و المطالبة و الرجاء دون إستجابة ، تعود السلطة اليوم إلى
طي صفحة الضعف و فتح صفحة الإنحطاط ، إذ كيف يجتمع مجلس الوزراء و يقرر بداية حملة
نظافة عمومية ؟، و نحن على مرمى حجر من
لهيب نار "مالي" قد نحترق بشظاياه دون أي إهتمام من السلطة .
ولم يسلم رجال القوة و النبل
الأبرياء في الشعب أصحاب البندقية قديما من عبث السلطة بكرامتهم و حشرهم في تنظيف
نفايات السلطة على مدار مرحلة السلم بعد أن أكرهوا مجبرين على العودة إلى الخلف و
المكوث فيه أكثر من الرخصة عار يشعرهم بالتخاذل و الضعف ، هاهم اليوم يلتقطون
أوساخ القيادة بطريقة أو بأخرى و هم يرتدون الزي العسكري ، فيما تتفرج السلطة إلى
حماة الشعب وهم يدنسون في تفاهات ما كان لهم أن يحشروا فيها لولا الضعف و الإنحطاط
الحاصل ، ذلك الذي يدنس المقاتل وهو يجول و يصول بين الدوائر و الولايات
في وقت كان له أن يظل صامدا في
المواقع الامامية المرابطة ، خاصة إذا ما علمنا أن المنطقة تمر بأصعب أيامها .
*التعزيز : لا يخلو برنامج الحكومة
في كل بداية سطر من "تعزيز" وهي كلمة مطاطية تستخدم عادة لتبرء من
المسؤليات و بالتالي يتبين ضعف برنامج الحكومة و عدم إلزاميته لفعل منظم معين
بذاته .
0 التعليقات:
إرسال تعليق