الأربعاء، 27 أغسطس 2014

التصعيد المغربي: مغامرة جديدة لضرب أمن واستقرار المنطقة


لطالما استغل المغرب موقعه الجغرافي المتاخم لأوروبا للمبالغة في الدورالمنوط به باعتباره “حارس للضفتين” و “جسر نحو افريقيا” وتسويقه بما يخدم سياساته الاستبدادية واطماعه التوسعية مستعملا في ذلك اوراق الهجرة السرية، الارهاب، التهريب والمخدرات. وحين كان يعتبر حليفا للغرب، خاصة اثناء الحرب الباردة، حصل المغرب على مقابل لهذه الخدمة ويتعلق الامر بالمساعدة في ردع اي تهديد داخلي وبالصمت عن الاوضاع المتردية في البلد وعن احتلاله اللاشرعي للصحراء الغربية، الا انه في الفترة الاخيرة ، ومع التغيير الذي حدث في الخارطة جيوسياسية، بدأ يلاحظ تراجعا كبيرا في السياسة التي كانت متبعة.
ومن اسباب هذا التراجع هو عدم وفاء المغرب بوعوده في احداث اصلاحات عميقة وهو ما عكسته تقارير المنظمات الدولية المتتالية في المدة الاخيرة وتركيزها على وضعية حقوق الانسان المتدهورة خاصة ما يتعلق بالتعذيب والاختطاف القسري والحريات.
ومن بين الاسباب كذلك هو عدم احراز تقدم في موقف المغرب بخصوص قضية الصحراء الغربية، التي تعتبر بؤرة توتر، وبدون انهائها لايمكن للاستراتيجية الدولية المرسومة ان تبلغ اهدافها في صد الخطر من خلال إرساء دعائم الاستقرار والامن في المناطق مصدر الغلق وفسح المجال امام مشاريع التنمية التي ستعود بالفائدة عليها وفي هذا الاطار تأتي المعالجة الحقيقية لاسباب الهجرة عن طريق توفير مناصب الشغل.
خطر الارهاب الذي يتخذه المغرب الآن ذريعة للتصعيد لايخرج عن مجال المناورة المعهودة لدى النظام المغربي من اجل افشال ما تحقق بسرعة على طريق استتاب السلم والامن في المنطقة بفضل تكاثف جهود دولها وكردة فعل على العزلة الدولية التي مني بها خاصة في افريقيا بعدما تأكد انه احد المصادر التي تغذي التوتر وتروج المخدرات. وفي هذا الاطار، فان قضية الصحراء الغربية تظل عقبة كبيرة امام تحقيق هذا الهدف الذي بدأته المنطقة ، والذي جعل الامم المتحدة تعلن عن عزمها على حلها انطلاقا من مبدء تقرير المصير والاستقلال. ومن كون أن هذا الحل لايحلو للمغرب، يجد هذا الاخير في ورقة الارهاب طريقة للفت انتباه العالم والتشويش على مساره.
فالمغرب، بدون شك، يريد ان يؤثر على الزيارة المرتقبة للمبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة السيد كريستوفر روس والتي ستكون نتائجها حاسمة في جلسة الاستماع لمجلس الامن مع نهاية شهر اكتوبر المقبل. فمن المحتمل جدا أن يسلط المبعوث الشخصي الضوء خلال هذه الجلسة على معالم المرحلة المقبلة التي تحدث عنها الامين للامم المتحدة في تقريره لشهر ابريل الماضي خاصة امام الموقف المغربي الرافض لتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية عبر استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي.
الكل يعرف أن المغرب احتل الصحراء الغربية في اطار حلمه الذي يمتد الى موريتانيا وبعض الاراضي الجزائرية والمالية لتوسيع نطاقه الجغرافي للسيطرة على المنافذ الاستراتيجية التي يمثلها المتوسط والاطلسي، كما ان الموارد الاقتصادية التي تزخر بها هذه المنطقة تؤهله لأن يكون قويا اقتصاديا. لكن صدمة تلاشي هذا الحلم لازال نظام المخزن لم يستوعبها بعد وبذلك ما يقوم به وما سيقوم به هو جزء مما عودنا على القيام به وهو تصدير ازماته للخارج.
فالاوضاع الداخلية المغربية المقبلة على الانفجار، وفشله في اضفاء الشرعية على احتلاله للصحراء الغربية، قد يجعل المغرب يقوم بمغامرة لاعادة المنطقة من جديد الى التوتربل يزيدها توترا وبذلك يبدد آمال شعوبها التي استبشرت خيرا في المصالحة المالية، والارادة الدولية لانهاء صراع الصحراء الغربية ومحاربة الارهاب.
بقلم: الديش محمد الصالح

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر