السبت، 9 أغسطس 2014

الاغنية الوطنية الصحراوية تتراجع مراتب الى الوراء


لا يمكن فهم الدور الذي أدته الاغنية الوطنية الصحراوية في رفع معنويات شعبنا، بل و نقل امجاد و بطولات مقاتلي جيش التحرير الشعبي، دون العودة الى الوراء و تحديدا سنوات حرب التحرير، أي قبل توقيف اطلاق النار. اذ لم تكن الاغنية الوطنية الصحراوية تهدف الى الترفيه اطلاقا، بل كانت تحمل رسالة شعب مصر على انتزاع حقه في الاستقلال، فقد كانت مادتها الدسمة هي انتصارات مقاتلي جيش التحرير و لم تكتف فقط بالتغني بتلك البطولات، بل كانت في بعض الاحيان بمثابة البلاغ العسكري الذي يصدر بعد كل معركة، و هو ما نجده في اغنية “جبال لواركزيز” للفنانة القديرة امدليلة حيث تقول كلمات الاغنية ” … الا جبال لواركزيز صبحو مقبرة للغزاة. مغنومة 36 دبابة و مدرعة و السلاح و 120 …” . و رغم اهمية الدور الاخباري الذي لعبته الاغنية الوطنية بالنظر الى عدم وجود وسائل اعلام قوية، غير ان دور الاغنية الوطنية لم يكن اعلاميا فحسب، بل ساهمت دون مبالغة في التعريف بكفاح شعبنا حيث يروي بعض الصحراويين الذي كانوا يتواجدون في دول الجوار في السنوات الاولى للثورة ان الاغاني الوطنية كانت بمثابة المحرض الذي دفعهم دون تردد للالتحاق بصفوف الثورة و جيش التحرير الشعبي.
لكن تراجع الاغنية الوطنية الصحراوية اليوم يمكن رده الى عدة عوامل ابرزها توقيف اطلاق النار و بذلك حرمت من احد اهم مصادرها، و لعل العامل الثاني هو طغيان الجانب المادي على الحياة، حيث وجد الفنان نفسه امام احتياجات عائلته التي لم تعد تلبيها “استفادة” وزارة الثقافة، و بذلك اصبح الفنانين امام خياران لا ثالث لهما، اما تنويع مصادر الدخل و عدم الاعتماد على ما تجود به الجهة الوصية، و امتهان الغناء في المناسبات و الافراح، او الاعتزال و امتهان مهنة اخرى قد توفر لهم دخلا قد يسد احتياجاتهم.
و قد عانت الاغنية الوطنية الصحراوية و لا تزال بأفول معظم ان لم نقل كل نجومها، اما بسبب التقدم في السن، او اعتزال الفن و هناك ايضا من قضى نحبه و من بدل تبديلا. اما اليوم فالمشهد الفني يختلف تماما عن الامس، فنجد على الساحة بعضا من الشباب يعدون على اصابع اليد الواحدة يحاولون (من اجل البقاء) المزج بين العمل في الفرق الرسمية في مختلف المناسبات و كذا تشكيل فرق خاصة تنشط الافراح و المناسبات الاجتماعية. غير ان هذا الواقع الذي يعد ايجابيا بعض الشيء كانت له اثاره السلبية حسب رأينا، فقد تراجعت الاغنية الوطنية مراتب الى الوراء لتحتل مكانها اغاني الافراح. التي تستمد مواضيعها من الجانب العاطفي، بل ان معظم الفنانين يقومون فقط بتأدية اغاني موريتانية، دون العودة الى قصائد الشعراء الصحراويين، و ما اكثرهم.
اما اليوم فقد اصبحت انتفاضة الاستقلال هي المادة الدسمة التي تغذي الاغنية الوطنية، في ظل غياب اغلب نجومها تظهر بعض المحاولات فردية كانت ام جماعية للمحافظة على الاغنية الوطنية او بإدخال انواع غنائية جديدة كالراب مثلا و تطويعها للتعريف بكفاح شعبنا كون هذا النوع الغنائي ظهر اصلا في الاحياء الامريكية الفقيرة و مواضيعه في الغالب هي احتجاج على اوضاع سياسية او اجتماعية معينة.
بقلم : البشير محمد لحسن.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر